ينحدر محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي من قبيلة الرزيقات ذات الأصول العربية التي تقطن إقليم دارفور غربي السودان، حيث عمل في العشرينيات من عمره في تجارة الإبل بين ليبيا ومالي وتشاد بشكل رئيسي، بالإضافة إلى حماية القوافل التجارية من قطاع الطرق في مناطق سيطرة قبيلته.
وسرعان ما أصبح حميدتي من أبرز تجار الإبل في البلاد حيث جنى ثروة كبيرة في التسعينيات من القرن الماضي، الأمر الذي دفع البشير إلى تقريبه، وخاصة أنه كان يقود مليشيات كبيرة لحماية القوافل التجارية. كما يسيطر حميدتي على عدد من مناجم الذهب في دارفور.
منح البشير امتيازات كبيرة لحميدتي، وارتفع عدد الميليشيات التي يقودها والتي تقدر حالياً بنحو 100 ألف عنصر، مع تمتيعه بصلاحيات لا تُمنح إلا للجيش، قبل أن يطلق تسمية "قوات الدعم السريع" على المليشيات التابعة له التي ينحدر معظم عناصرها من قبائل دارفور، مع تزويدها بالأسلحة الخفيفة وسيارات الدفع الرباعي، الأمر الذي أثار سخط وحفيظة الضباط.
ورغم ذلك، تخلى حميدتي عن البشير خلال الفترة الأخيرة من حكمه، بعد أن استنجد البشير به لقمع المظاهرات.
وفي السياق، قالت مصادر محلية سودانية إن "قوات الدعم السريع" التي يقودها حميدتي، ساهمت في الإطاحة بالبشير، ودعا الحكومة السودانية إلى "توفير ما يحتاجه المواطنون في سبيل العيش الكريم"، وهو موقف يراه بعض السودانيين إيجابياً.
في المقابل، اُتهم حميدتي من قبل معارضيه بالقيام بذلك من أجل تلميع صورته وصرف انتباه العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قواته في دارفور.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2021، دعم حميدتي الانقلاب على السلطة الذي أنهى اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة نددت بها الجماعات السياسية محليا ودوليا.
وفي ذلك الوقت، أعلن حميدتي دعمه للقوات المسلحة، حيث قال في مقطع فيديو مصور إن الجيش استولى على السلطة "لتصحيح مسار ثورة الشعب" وتحقيق الاستقرار.
وأضاف حميدتي أن الجيش مستعد لتسليم السلطة في حالة التوصل إلى اتفاق أو إجراء انتخابات. ولم يقتنع الكثير من السودانيين بذلك.
وتتحدث بعض التقارير عن إحكام حميدتي قبضته على مناطق واسعة في العاصمة الخرطوم، وأنه" يملي شروطه على قادة القوات العسكرية" كونه يحمل رتبة فريق أول في الجيش.
تصدر محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الذي يقود قوات الدعم السريع في السودان، المشهد السياسي في البلاد، عقب اندلاع اشتباكات مسلحة أمس السبت مع الجيش السوداني الذي يقوده حليفه السابق الفريق عبد الفتاح البرهان الذي يتولى المجلس السيادي الانتقالي الذي يحكم السودان منذ الإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك في تشرين الأول/ أكتوبر 2021.
وفي وقت سابق، كشف مصدر محلي أن العلاقة بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" انفجرت خلال ورشة الإصلاح الأمني والعسكري التي عُقدت خلال شهر آذار/ مارس الماضي.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن الجيش قدم أوراقه الفنية خلال ورشة الإصلاح، مقترحا مدة سنتين لدمج "الدعم السريع" في القوات المسلحة، فيما قدم "الدعم السريع" ورقة تطالب بعشر سنوات مع بقاء جميع امتيازاته السياسية والمالية.
وتسبب ذلك في تصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث قام كل طرف، خلال الفترة الأخيرة، بتعزير مواقعه العسكرية في العاصمة بسبب الخلاف بين الطرفين حول الجدول الزمني للانتقال إلى حكم مدني بموجب الاتفاق الإطاري الذي تم التوقيع عليه أواخر العام الماضي ودمج قوات الرد السريع في الجيش السوداني ومن يقود المؤسسة العسكرية التي تتمخض عن دمج القوتين.
وعاد "حميدتي" إلى الظهور في المشهد السياسي رغم أنه غاب عن تشكيل المجلس العسكري الانتقالي عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انقلاب عسكري عام 2019، رغم أنه يحمل رتبة فريق أول بقرار من البشير نفسه.
وسبقت هذه الأزمة انتقادات وجهها حميدتي قبل أسابيع لانقلاب عام 2021، حيث اعتبره "خطأ" وقال إن الانقلاب فتح الباب أمام عودة أنصار الرئيس البشير وأوضح: "أصبح (الانقلاب) للأسف بوابة لعودة النظام السابق"، في إشارة إلى أنصار حزب المؤتمر القومي الحاكم السابق الذين عينوا في الحكومة بعد الانقلاب.
المصدر: وكالات
اضف تعليق